لافتات 6
الباب
بابٌ في وَسَـطِ الصّحــراءْ
مَفتـوحٌ لِفضـاءٍ مُطلَـقْ .
ليسَ هُنالِكَ أيُّ بِنــاءْ
كُـلُّ مُحيـطِ البابِ هَـواءْ .
- مالكَ مفتــوحاً يا أحمَـقْ ؟!
- أعـرِفُ أنَّ الأمـرَ سَـوَاءْ
لكـنّي ..
أكـرهُ أنْ أُغلَــقْ !
سـيرة ذاتيّـة
(1)
نَمْـلةٌ بي تحتَمـي .
تحـتَ نعْلـي تَرْتَمـي .
أمِنَـتْ ..
مُنـذُ سنينٍ
لـمْ أُحـرِّكْ قَـدَمـي !
(2)
لستُ عبـدَاً لِسـوى ربّـي ..
وربّـي : حاكِمـي !
(3)
كي أُسيـغَ الواقِـعَ المُـرَّ
أحلّيـهِ بِشيءٍ
مِـنْ عصـيرِ العَلْـقَمِ !
(4)
مُنـذُ أنْ فَـرَّ َزفيري
مُعرِباً عـنْ أَلَمـي
لـمْ أذُقْ طعـمَ فَمـي !
(5)
أخَـذّتني سِنَـةٌ مِـنْ يقظَـةٍ ..
في حُلُمــي .
أهـدَرَ الوالـي دَمـي !
(6)
جالِسٌ في مأتَمـي .
أتمنّى أنْ أُعزِّيني
وأخشى
أن يظُنّـوا أنّني لي أنتمـي !
(7)
عَرَبـيٌّ أنا في الجوهَـرِ
لكِـنْ مظهَـري
يحمِـلُ شَكْـلَ الآدَمـي !
المظلــوم
جلـدُ حِـذائي يابِسٌ
بطـنُ حِـذائي ضيّـقٌ
لـونُ حِـذائي قاتِـمْ .
أشعُـرُ بي كأنّني ألبَسُ قلبَ الحاكِـمْ !
يعلـو صـريرُ كعْبـِهِ :
قُلْ غيرَها يا ظالِـمْ .
ليسَ لِهـذا الشيءِ قلـبٌ مطلَقـاً
أمّا أنـا .. فليسَ لي جرائـمْ .
بأيِّ شِـرعَـةٍ إذَنْ
يُمـدَحُ باسمـي،
وَأنَـا أستقبِلُ الشّتائِـمْ ؟!
ثارات
قطَفـوا الزّهـرَةَ ..
قالـتْ :
مِنْ ورائي بُرعُـمٌ سَـوفَ يثـورْ .
قطَعـوا البُرعُـمَ ..
قالتْ :
غَيرُهُ ينبِضُ في رَحْـمِ الجذورْ .
قلَعـوا الجَـذرَ مِنَ التُربـةِ ..
قالَتْ :
إنّني مِـنْ أجـلِ هذا اليـومِ
خَبّأتُ البـذورْ .
كامِـنٌ ثأري بأعمـاقِ الثّرى
وَغَـداً سـوفَ يرى كُلُّ الوَرى
كيفَ تأتي صـرخَـةُ الميلادِ
مِـنْ صمتِ القبـورْ.
تَبـردُ الشّمـسُ ..
ولا تَـبرُدُ ثاراتُ الزّهــورْ !
مزرعـة الدّواجـن
سَبـعُ دجاجـاتٍ
وديكٌ واحِـدٌ
مُستَهْـدَفٌ للرغبـةِ العمـلاقَـهْ .
تنثُـرُ حَـبَّ الحُـبِّ في أحضـانِـهِ
وخَـلْفَهـا الأفـراخُ تشكو الفاقَـهْ !
سُبحـانَ مَن يقسِـمُ
ما بينَ الورى أرزَاقَـهْ .
والسّبعُ تِلكَ باقَـةٌ
ناريّـةٌ سبّاقَـهْ
وسـوفَ تأتي باقَـةٌ
وسـوفَ تأتـي باقـهْ .
كُلٌّ تهُـزُّ رِدْفَهــا
ملهـوفَـةً مُشتاقـهْ
كُلٌّ - لأنَّ قَلبَهـا
لا يرتَضـي إرهاقَـهْ -
لقـاءَ هَتكِ عِرضِهـا ..
تعرِضُ َبـذْلَ ( الطّاقَـهْ ) !
والدّيكُ فيمـا بينهـا ..
يُطَبِّــعُ العلاقـهْ !
ليلـة
لِشهـرزادَ قِصّـةٌ
تبــدأُ في الخِتـامْ !
في اللّيلـةِ الأولـى صَحَـتْ
وشهْريـارُ نـامْ .
لم تكثرِثْ لِبَعلِهـا
ظلّـتْ طِـوالَ ليلِها
تَكْـذِبُ بانتِظـامْ .
كانَ الكلامُ ســاحِـراً ..
أرّقــهُ الكـلامْ .
حاولَ ردَّ نومِـهِ
لم يستَطِـعْ .. فقـامْ
وصـاحَ : يا غُـلامْ
خُذْهــا لبيتِ أْهلِها
لا نفـعَ لي بِمثْلِها .
إنّ ابنَـةَ الحَـرامْ
تكْـذِبُ ِكذباً صـادِقاً
يُبقي الخيالَ مُطْلَقـاً
ويحبِسُ المَنـامْ .
قَلِقْـتُ مِنْ قِلْقالِها
أُريـدُ أنْ أَنـامْ .
خُـذْهـا، وَضـَـعْ مكانَها ..
وِزارةَ الإعْــلامْ !
خلـود
قالَ الدّليـلُ في حَـذَرْ :
أُنظُـرْ .. وَخُـذْ مِنـهُ العِـبَرْ
أُنظـرْ .. فهـذا أسَـدٌ
لـهُ ملامِـحُ البَشَـرْ .
قَـدْ قُـدَّ مِنْ أقسـى حَجَـرْ .
أضخَـمُ ألفَ مـرّةٍ مِنكَ
وَحَبـلُ صَـبْرِهِ
أَطـوَلُ مِـنْ حَبلِ الدّهَـرْ .
لكنّـهُ لم يُعْـتَبَرْ .
كانَ يدُسُّ أنْفـَـهُ في كُلِّ شيءٍ
فانكَسَـرْ .
هـلْ أنتَ أقـوى يا مَطَـرْ ؟
**
كانَ ( أبو الهَـولِ ) أمامـي
أَثَـراً مُنتَصِباً .
سـألتُ :
هلْ ظلَّ لِمَـنْ كَسّـرَ أنفَـهُ ..أَثَرْ ؟!
احتيـاط
فُجِعَـتْ بي زوجَـتي
حينَ رأتني باسِما !
لَطَمـتْ كفّـاً بِكـفٍّ
واستَجارتْ بالسَّمـا .
قُلتُ : لا تنزَعِجـي .. إنّي بِخَيرٍ
لم يَزَلْ دائــي مُعافـى
وانكِسـاري سالِمـا !
إطمئنّي ..
كُلُّ شيءٍ فيَّ مازالَ كَما ..
لمْ أكُـنْ أقصِـدُ أنْ أبتَسِما
كُنتُ أُجري لِفمي بعضَ التّمارينِ احتياطاً
رُبّمـا أفرَحُ يومـاً ..
رُبّمــا !
المفقـود
رئيسُنا كانَ صغيراً وانفَقَـدْ
فانتـابَ أُمَّـهُ الكَمَـدْ
وانطَلَقـتْ ذاهِلَـةُ
تبحـثُ في كُلِّ البَلَـدْ .
قِيلَ لها : لا تَجْـزَعـي
فَلَـنْ يضِـلَّ للأبَـدْ .
إنْ كانَ مفقـودُكِ هذا طاهِـراً
وابنَ حَـلالٍ .. فَسَيلْقاهُ أَحـَـدْ .
صاحــتْ :
إذنْ ..ضـاعَ الوَلَـدْ !
عُكــاظ
الأرضُ: ثَغْـري أَنهُـرٌ
لكـنَّ قلبي نـارْ .
البحْـرُ: أُبـدي بَسمَـتي ..
وأُضْمِـرُ الأخطَـارْ .
الرّيـحُ: سِلْمــي نَسْمَـةٌ
وَغَضبَتي إعْصـارْ .
الغَيـمُ: لي صَـواعِقٌ
تمشي معَ الأمطـارْ .
الصّمـتُ: في بالـي أنـا
تُزَمْجِـرُ الأفكـارْ .
الصّخْـرُ :أدنى كَرَمي
أنْ أمنَـحَ الأحجَـارْ
لأشْـرَفِ الثّـوارْ .
النّسْـرُ : رأيـي مِخلَـبٌ
وَمَنطِقي مِنقـارْ .
النّمـرُ : نابـي دعوَتـي ..
وَحُجّـتي الأظفارْ .
الكَلـبُ : لستُ خائِنـاً
ولَسْـتُ بالغَـدّارْ .
بلْ أنـَا أحمي صاحِـبي،
وأعقِـرُ الأشْـرارْ .
الجَحْـشُ : نوبَـتي أنَـا
بَعـدَ الأخِ المُنهـارْ .
قُـمْ وافتَخِـرْ يا جـارْ .
العَرَبـيُّ : ليسَ لي شيءٌ سِـوى الأعـذارْ
والنّفـيِ والإنكـارْ
والعَجـزِ والإدبـارْ
والإبتهالِ، مُرغَماً، للواحِدِ القهّارْ
بأنْ يُطيلَ عُمْـرَ مَـنْ يُقصّرُ الأعمارْ !
بالشّكلِ إنسانٌ أنَـا
.. لكنّني حِمـارْ .
الجَحـشُ : طارَتْ نوبَتي
وَفخـرُ قومي طـارْ .
أيُّ افتِخـارٍ يا تُرى ..
مِـنْ بعـدِ هـذا العارْ ؟!
المغبـون
مؤمِــنٌ
يُغمِـضُ عينيـهِ، ولكنْ لا ينامْ .
يقطَـعُ اللّيلَ قياماً ..
والسّلاطينُ نِيـامْ .
مُسـرِفٌ في الإحتِشـامْ .
إنّما يستُرُ عُـريَ النَّاسِ
حـتى في الحَرامْ !
حَسْـبُهُ أنَّ بحبلِ اللهِ
ما يُغْنيـهِ عنْ فَتلِ حِبالِ الإتّهـامْ .
مُنصِـفٌ بينَ الأَنـامْ
تستـوي في عينِـهِ الكَحْـلاءِ
تيجـانُ السَّلاطينِ وأسْمالُ العَـوامْ .
مؤمِـنٌ بالرّأيِ
يحيـا صامِتـأً
لكنَّـهُ يرفِضُ أنْ يمحـو الكَلامْ .
طَـيّبٌ
يفتَـحُ للجائِـعِ أبوابَ الطّعـامْ
حينَ يُضنيـهِ الصّيـامْ .
بلْ يواري أَثـَرَ المُحتـاجِ
لوْ فَكّـرَ في السّطـوِ على مالِ الطُّغامْ .
وَيُغطّـي هَربَ الهاربِ مِـنْ بطْشِ النّظـامْ .
مَلجـأٌ للإعتِصـامْ
وَأَمـانٌ وسـلامْ .
وعلـى رَغـمِ أياديـهِ عَليكُـمْ
لا يـرى مِنكُـمْ سِـوى مُـرِّ الخِصـامْ .
**
أيّها النّاسُ إذا كُنتُـم كِرامـاً
فَعَليكُـمْ حَـقُّ إكـرامِ الكِرامْ.
بَـدَلاً من أنْ تُضيئـوا شمعَـةً
حيّـوا الظـلامْ !
مُكابــرة
أُكابِـرْ .
أُضمّـدُ جُرحـي بحشْـدِ الخَناجِـرْ
وأمسَـحُ دَمعـي بكَفَّـيْ دِمائـي
وأُوقِـدُ شمعـي بِنـارِ انطِفائي
وأحـْـدو بِصمْـتي مِئاتِ الحَناجِـرْ
أُحاصِـرُ غابَ الغيابِ المُحاصِـرْ :
ألا يا غِيابي ..
أنـا فيكَ حاضِـرْ !
**
أُكابِـرُ ؟
كلاّ .. أنَـا الكبرياءْ !
أنَـا توأَمُ الشّمسِ
أغـدو وَاُمسـي
بغيرِ انتِهـاءْ !
ولي ضَفّتـانِ :
مسـاءُ المِـدادِ وصبْـحُ الدّفاتَـرْ
وَشِعــري قَناطِـرْ !
متى كانَ للصُبْـحِ واللّيلِ آخِـرْ ؟
**
إذا عِشـتُ أو مِـتُّ فالموتُ خاسِـرْ .
فلا يعرِفُ الموتُ شِعْراً
ولا يَعرِفُ المـوتَ شاعِـرْ !