(اليقين أنني لم أكن سوى بقايا ظل
كان بودي التخلي عنه... ظل يتمرد بين حين وآخر،
ليس ضدي وإنما ضد الحاضر
الذي يريد الخلاص من الماضي.....
الظل يرقص...)
في مدينتي التي لا زلت أتذكرها:
ثمة شوارع حزينة مملوءة بالفراغ،
وصدى قصائد مظفر النواب المغناة
وكلمات صاحب المقهى البذيئة
ووجه تلك المرأة التي كانت تسألني في منتصف الليل،
كل مرة، كلما أمر من عتبة دارها،
" كم الساعة الآن ".
كانت تنتظر زوجها
الذي لا يأتي،
في ليل دون قمر،
أزرق
شبيها بماء دجلة العكر.
مدينتي هذه كانت
ـ ولازلت ـ
لي حلما:
عشقت أمسياتها في بيوتها الفقيرة،
الذي كان ظلي يقترب مني،
كلما اقتربت منها.
شوارع مدينتي هذه ( لازلت أتذكرها ) لها رائحة طعم الطين،
الذي بنت والدتي منه تنورها
ورائحة الخبز،
وطعم الجدر الذي تضعه على لهيب النار.
مدينتي هذه تذكرني برياح حلم الطفولة
وأحلام التاريخ والحرب.
وخطى الأيام ودبيب أقدام النهار والليل
عارية بين الحيطان، بين الظل واللاظل
في غمرة رياح باردة شبيهة بتلك الرياح التي مرت
قبل 45 سنة :
كانت الرمال سياطا تحفر الجباه،
وثمة أقدام كانت تبحث عن رقصة
وعظام مركونة في بيوت مترامية الأطراف.
..........
. المقصود هنا انقلاب شباط الأسود، الذي قام به حزب البعث إلى جانب من يسمون بالقوميين عام 1963، الذين اغتالوا ثورة الرابع عشر من تموز وقادتها وتلك المجازر التي رافقت هذه الردة ضد مناضلي الحزب الشيوعي العراقي ومن بؤيده.. في هذه الفترة عاشت بغداد والمدن العراقية الاخرى أيام هولاكو عندما اقتحم بغداد مدينة السلام.